
نظمت مكتبة قطر الوطنية ندوةً جمعت خبراء وباحثين لدراسة تاريخ وتقاليد الوِراقة وصناعة المخطوط في المغرب، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تأثير هذه التقاليد على تداول المعرفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وانطلقت فعاليات هذه الندوة، التي تستمر ليومين تحت عنوان "الوِراقة المغربية وصناعة المخطوط: مقاربات في المواد والتقاليد والوظائف"، بتاريخ 14 أبريل 2025، ضمن فعاليات العام الثقافي قطر - المغرب واحتفاءً بيوم المخطوط العربي 2025، تحت رعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومعهد المخطوطات العربية.
واستكشف الحضور في اليوم الأول، خلال مناقشات متعمقة، دور الوَرَّاقين المغاربة في نشر المعرفة وإشعاعها شرقًا وغربًا، وكيف شكّلت هذه التقاليد الممارسات السائدة في مجال إنتاج الكتب والمخطوطات في العالم الإسلامي على نطاقٍ أوسع.
ومن بين المواضيع الأخرى التي ناقشتها الندوة تقاليد التأليف والنسخ والتحقيق في المغرب، وجماليات المخطوطات المغربية، وتاريخ خزائن الكتب والمكتبات ودورها في حفظ المخطوطات والتراث. وقدَّم الخبراء رؤى قيمة حول الدور الحيوي الذي يؤديه النساخون والورّاقون في نقل المعرفة، فضلاً عن الممارسات المتبعة في تحقيق المخطوطات، كما استعرض المشاركون مساهمات الباحثين المغاربة من أمثال محمد المنوني وأحمد شوقي بنبين في حفظ ودراسة تراث المخطوطات
وقد سلطت الندوة الضوء على الخصائص المميزة للمخطوطات الإسلامية المغربية والغربية، وأوضحت أوجه الاتفاق والاختلاف مع التقاليد الإسلامية المشرقية، واستكشفت كيفية انتقال المعرفة من النساخين والوراقين الأوائل وجامعي الكتب إلى الباحثين المعاصرين.
وصرَّح منظم الفعالية الدكتور محمود زكي، أخصائي المخطوطات بمكتبة قطر الوطنية، قائلاً: "تعكس هذه الندوة، التي تجمع نخبةً من الأسماء الأكاديمية البارزة من داخل المغرب وخارجه، التزامًا ثقافيًا مشتركًا بصون التراث العربي المكتوب وإعادة قراءته. وبمناسبة يوم المخطوط العربي، وهي مبادرة مُهمة أُطلقت قبل أكثر من عقد من الزمن، وضمن فعاليات العام الثقافي قطر– المغرب، تسلّط الندوة الضوء على عمق تقاليد صناعة الكتاب المخطوط في المغرب، إلى جانب الإمكانات المتنامية للأدوات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والإنسانيات الرقمية. وبدايةً من تناول حرفة الوِراقة إلى قدرات الخوارزميات، تشكّل الندوة جسرًا بين الماضي والحاضر لرسم آفاق مستقبلية لدراسات المخطوطات."
يتناول اليوم الثاني من الندوة إمكانات التقنيات الحديثة في دراسة المخطوطات، حيث يستعرض المشاركون كيفية مساعدة أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل المخطوطات وصيانتها مع الحفاظ على مرجعياتها التاريخية والتراثية.
يقول الدكتور زكي في هذا الصدد: "لا تُعدُّ الأدوات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والمقاربات المعتمدة على البيانات مجرد إضافات حديثة، بل إنها تتيح رؤى قيّمة حول كيفية قراءة المخطوطات وتحليلها وفهمها. ولا يكمن الهدف في استبدال الدراسة التقليدية، بل في إثرائها من خلال تعاون منضبط متعدد التخصصات."
وتشمل فعاليات اليوم الثاني من الندوة حلقتين تطبيقيتين تتيحان للمشاركين فرصة تحليل المخطوطات المغربية النادرة من مجموعات مكتبة قطر الوطنية، والمشاركة في مناقشات حول استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل المخطوطات.